الهاجر
المساهمات : 46 تاريخ التسجيل : 11/11/2007
| موضوع: باب صغير.. لا يكفي الثلاثاء نوفمبر 13, 2007 5:42 am | |
| هل لأحدٍ أن يسأل أين ذهبت الأخلاق؟
هل من يذكر لي ولو.. تلميحاً لعنوان؟ أنت .. نعم سيدي .. تقول من هنا . شكراً شكراً..
واتجهت من فوري إلى حيث أشار فوجدتني في زقاقٍ ضّيق آخره مسدود، وقبل نهايته بابٌ صغير.. وصلت إليه وقلت في نفسي إنّ الباب صغيرٌ لا يكفي لمرور كلّ تلك الأخلاق التي ذهبت!
دفعت الباب بحذرٍ شديد فوجدت المكان معتماً ولمحت بصيصَ ضوءٍ من بعيد.. فتحسست طريقي وإذا بي أدوس على شيء طري كأنّه جسم أفعى أو.. أو فراش ناعم فارتعدت وقفزت من عليه للأمام لأجد غيره ثم غيره، وهالتني أصوات تتصاعد من تحت أقدامي.. آهاتٌ مكبوتة.. الضوء يقترب وأنا أجري والصوت يزداد..
استجمعت قوتي وقفزت باتجاه الضوء لأصطدم بجدار من الظلام. آه ه .. هذا الضوء من الخارج، ولكنّ النافذة صغيرةٌ جدا لا يكاد يدخل فيها رأسي..
حاولت أن أعرف أين أنا، فدهمني خوفٌ شديد لصوتٍ من خلفي يقول: من أنت؟
التفت فزعاً.. أنا .. أنا كنت أبحث عن الأخلاق ودلني شيخٌ كبيرٌ إلى هنا..
ضحك الصوت وسكتت كل الأصوات الأخرى.. ثم قال: لستَ الوحيد الذي تبحث عنها.. واقترب الصوت مني ليطرح نور الشمس بعضاً من الصباح على وجهه، وليظهر لي الشيخ نفسه الذي دلني على المكان.. نظر إليّ بهدوء وأكمل: ولكني أحسست كم لديك من لوعةٍ وحزن وسأشرح لك الآن جواب السؤال..
.. يا بني تسكن الأخلاق في القلوب، فهي بيتها وراحة نفسها .. فإن دخل إلى القلوبَ حبُّ الدنيا والشهوات زاحموها في بيتها حتى يطردوها أو يكادوا.. فإذا رحلت تمضي حزينةً على صاحب ذلك القلب، وحزينةً أكثر على أسرةٍ هو فيها تقيم عليه الآمال..
وعندما تلتقي في الطرقات بغيرها وقد طردوا مثلها من القلوب تصبح حزينة أكثر وأكثر على أمةٍ هم فيها أملها وغدها، فيأتون إلى هنا.. وكما ترى مازال بعض النور في المكان. ولم يضع الأمل بعد، ولكن القلوب.. فقط القلوب هي الحكم وأصحاب القلوب هم الأمل.. والله المستعان.
وخرجت من المكان أمسك صدري بيدي وأتلفت حولي.. فأنا أظنّ (وأتمنى) أن من تخصني لم تهرب بعد من جسدي.. أحبّها ..ويحبّها كلّ غيورٍ على نفسه وعلى أهله وأمته.. ولن نتركها تغادر إلى ذلك المكان المظلم..
| |
|